الجمعة، 8 أغسطس 2014

الإجماع على كفر من ترك عمل الجوارح وأن القول بنجاتة ليس قولا لأهل السنة

الموضوع : الإجماع على أن تارك عمل الجوارح كافر وأن القول بنجاته ليس قول أهل السنة

بسم الله الرحمن الر حيم

انعقد الإجماع على أن الإيمان هو قول القلب وعمله وقول اللسان وعمله وعمل الجوارح، لا بد أن يقع في هذه الأركان الخمسة ولا يصح إلا بها جميعا خلافا للمرجئة الذين يخرجون العمل من الإيمان ومنهم من يصحح إيمان من ترك العمل الظاهر وهذا خلاف الآثار.
يقول الإمام الحجة أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالى: "لقيت أكثر من ألفِ رجلٍ من أهل العلم؛ أهلِ الحجاز ومكةَ والمدينةِ والكوفةِ والبصرةِ وواسطِ وبغدادَ والشامِ ومصرَ، لقيتُهم كرَّاتٍ قرناً بعد قرنٍ ثم قرنٍ بعد قرنٍ – المقصود بالقرن الطبقة من العلماء-  أدركتُهم وهم متوافرون أكثرَ من ستٍ وأربعين سنة، أهلِ الشامِ ومصرَ والجزيرةِ مرتين، والبصرةِ أربعَ مراتٍ في سنين ذوي عدد، وبالحجازِ ستةَ أعوام، ولا أحصي كم دخلتُ الكوفةَ وبغدادَ، مع محَدِّثِي أهلَ خراسان، منهم: المكي بن إبراهيم، ويحيى بن يحيى، وعلي بن الحسن بن شقيق، وقتيبة بن سعيد، وشهاب بن معمر.
وبالشام: محمدُ بنُ يوسفِالفِرْيَابِي، وأبا مُسْهرٍ عبد الأعلى بن مسهر، وأبا المغيرة عبدُ القدوس بن الحجاج، وأبا اليمانِ الحكمُ بن نافع. ومن بعدهم عدة كثيرة.
وبمصر: يحيى بنُ كثير، وأبا صالح - كاتبُ الليث بن سعد - وسعيدُ بن أبي مريم، وأَصْبَغُ بن الفَرَجِ، ونعيمُ بن حماد.وبمكةَ: عبدُ الله بن يزيد المقرئ، والحميدي، وسليمانُ بن حرب - قاضي مكة - وأحمدُ بن محمد الأزرقي.
وبالمدينة: إسماعيلُ بن أبي أويس، ومطرفُ بن عبد الله، وعبدُ الله بن نافع الزبيري، وأحمدُ بن أبي بكر أبا مصعب الزهري، وإبراهيمُ بن حمزة الزُّبَيْرِيّ، وإبراهيمُ بن المنذر الحزامي.
وبالبصرة: أبا عاصم الضحاكُ بن مَخْلَدٍ الشيباني، وأبا الوليد هشامُ بن عبد الملك، والحجاجُ بن المنهال، وعليُّ بن عبد الله بن جعفر المديني.
وبالكوفة: أبا نعيم الفضلُ بن دُكَيْنٍ، وعبيدُ بن موسى، وأحمدُ بن يونس، وقَبِيْصَةُ بن عقبة، وابنُ نمير، وعبدُ الله وعثمانُ ابني أبي شيبة.
وببغداد: أحمدُ بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبا معمر، وأبا خيثمة، وأبا عبيدٍ القاسمُ بن سلام.
ومن أهل الجزيرة: عمرو بنُ خالد الحراني.
وبواسط: عمرو بن عون، وعاصمُ بن علي بن عاصم.
وبمرو: صدقةُ بن الفضل، وإسحاقُ بن إبراهيم الحنظلي.
واكتفينا بتسمية هؤلاء كي يكون مختصرا  ، وأن لا يطول ذلك، فما رأيت واحدا منهم يختلف في هذه الأشياء:أن الدين قول وعمل"ا.هـ[1]
وقال الحسن البصري : " لا يصح القول إلا بعمل , ولا يصح قول وعمل إلا بنية , ولا يصح قول وعمل ونية إلا بالسنة"ا.ه[2]
وقال شعيب بن حرب رحمه الله : قلت لأبي عبد الله سفيان بن سعيد الثوري: حدثني بحديث من السنة ينفعني الله عز وجل به , فإذا وقفت بين يدي الله تبارك وتعالى وسألني عنه. فقال لي: «من أين أخذت هذا؟» قلت: «يا رب حدثني بهذا الحديث سفيانُ الثوري, وأخذته عنه فأنجو أنا وتؤاخذ أنت». فقال: "يا شعيب هذا توكيد وأي توكيد, اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم القرآن كلام الله غير مخلوق, منه بدأ وإليه يعود, من قال غير هذا فهو كافر, والإيمان قول وعمل ونية, يزيد وينقص, يزيد بالطاعة وينقصبالمعصية, ولا يجوز القول إلا بالعمل, ولا يجوز القول والعمل إلا بالنية, ولا يجوز القول والعمل والنية إلا بموافقة السنة"ا.ه[3]
وقال سفيان بن عيينة رحمه الله : " السنة عشر, فمن كن فيه فقد استكمل السنة, ومن ترك منها شيئا فقد ترك السنة: إثبات القدر, وتقديم أبي بكر وعمر, والحوض, والشفاعة, والميزان, والصراط, والإيمان قول وعمل, والقرآن كلام الله, وعذاب القبر, والبعث يوم القيامة, ولا تقطعوا بالشهادة على مسلم"ا.ه[4]
وقال ابو الحسن إدريس بن عبد الكريم: أرسل رجل من أهل خُراسان إلى أبي ثور إبراهيم بن خالد بكتاب يسأل عن الإيمان ما هو؟ ويزيد وينقص؟ وقول أو قول وعمل؟ أو قول وتصديق وعمل؟ فأجابه: إنه التصديق بالقلب , والإقرار باللسان , وعمل الجوارح"ا.ه[5]
قال الإمام الشافعي رحمه الله : "وكان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ومن أدركناهم، يقولون: إن الإيمان قول وعمل ونية لا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر"ا.هـ[6]

وقال أبو زرعة الرازي : " أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا وشاما ويمنا فكان من مذهبهم: الإيمان قول وعمل , يزيد وينقص"ا.ه[7]
وقال أبو حاتم حاتم محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي رحمه الله :"مذهبنا واختيارنا اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين ومن بعدهم بإحسان , وترك النظر في موضع بدعهم , والتمسك بمذهب أهل الأثر مثل أبي عبد الله أحمد بن حنبل , وإسحاق بن إبراهيم , وأبي عبيد القاسم بن سلام , والشافعي. ولزوم الكتاب والسنة , والذب عن الأئمة المتبعة لآثار السلف , واختيار ما اختاره أهل السنة من الأئمة في الأمصار مثل: مالك بن أنس في المدينة , والأوزاعي بالشام , والليث بن سعد بمصر , وسفيان الثوري , وحماد بن زياد بالعراق من الحوادث مما لا يوجد فيه رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين. وترك رأي الملبسين المموهين المزخرفين الممخرقين الكذابين" إلى أن قال : "واختيارنا أن الإيمان قول وعمل , إقرار باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالأركان , مثل الصلاة والزكاة لمن كان له مال , والحج لمن استطاع إليه سبيلا , وصوم شهر رمضان , وجميع فرائض الله التي فرض على عباده , العمل به من الإيمان"ا.ه[8]
وقال يحيى بن سليم: سألت عشرة من الفقهاء عن الإيمان، فقالوا: «قول وعمل» .
1-             سألت سفيان الثوري، فقال: «قول وعمل».
2-             وسألت ابن جريج، فقال: «قول وعمل».
3-             وسألت محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، فقال: «قول وعمل».
4-             وسألت المثنى بن الصَّبَّاح، فقال: «قول وعمل».
5-             وسألت نافع بن عمر بن جميل، فقال: «قول وعمل».
6-             وسألت محمد بن مسلم الطائفي، فقال: «قول وعمل».
7-             وسألت مالك بن أنس، فقال: «قول وعمل».
8-             وسألت سفيان بن عيينة، فقال: «قول وعمل»"ا.ه[9]
قال الإمام حمد بن حسين الآجري في كتاله الشرعيةحيث جعل باب فقال: "باب القول بأن الإيمان تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح، لا يكون مؤمنا إلا أن يجتمع فيه هذه الخصال الثلاث "قال رحمه الله : "اعلموا رحمنا الله وإياكم أن الذي عليه علماء المسلمين أن الإيمان واجب على جميع الخلق، وهو تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح.
ثم اعلموا أنه لا تجزىء المعرفة بالقلب والتصديق إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقا، ولا تجزىء معرفة القلب ونطق اللسان حتى يكون عمل بالجوارح، فإذا كملت فيه هذه الثلاث الخصال كان مؤمنا، دل على ذلك الكتاب والسنة وقول علماء المسلمين"ا.ه[10]
وقال ابن بطة في الإبانة الكبرى : "أخبر الله تعالى في كتابه في آيٍكثيرة منه أن هذا الإيمان لا يكون إلا بالعمل, وأداء الفرائض بالقلوب والجوارح"ا.ه[11].
وقال  الحميدي رحمه الله : " وأخبرت أن قوما يقولون: إن من أقر بالصلاة والزكاة والصوم والحج ولم يفعل من ذلك شيئا حتى يموت، أو يصلي مسند ظهره مستدبر القبلة حتى يموت، فهو مؤمن ما لم يكن جاحدا، إذا علم أن تركه ذلك في إيمانه، إذا كان يقر الفروض واستقبال القبلة. فقلت: هذا الكفر بالله الصراح، وخلاف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفعل المسلمين، قال الله عز وجل: وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة:5] قال حنبل: قال أبو عبدالله أو سمعته يقول: من قال هذا فقد كفر بالله ورد على الله أمره وعلى الرسول ما جاء به"ا.هـ[12]
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ""أجمع السلف أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، ومعنى ذلك أنه قول القلب وعمل القلب، ثم قول اللسان وعمل الجوارح"ا.ه[13]
وقال رحمه الله : "القول المطلق والعمل المطلق في كلام السلف يتناول قول القلب واللسان وعمل الجوارح"ا.ه[14]
وقال ابن القيم رحمه الله : "الإيمان له ظاهر وباطن، وظاهره: قول اللسان وعمل الجوارح، وباطنه: تصديق القلب وانقياده ومحبته، فلا ينفع ظاهر لا باطن له، وإن حقن به الدماء وعصم به المال والذرية، ولا يجزئ باطن عن ظاهر له إلا إذا تعذر بعجز أو إكراه وخوف هلاك"ا.ه[15]
وقال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : "لا خلاف بين الأمة أن التوحيد: لابد أن يكون بالقلب، الذي هو العلم؛ واللسان الذي هو القول، والعمل الذي هو تنفيذ الأوامر والنواهي، فإن أخل بشيء من هذا، لم يكن الرجل مسلما.
فإن أقر بالتوحيد، ولم يعمل به، فهو كافر معاند، كفرعون وإبليس. وإن عمل بالتوحيد ظاهراً، وهو لا يعتقده باطناً، فهو منافق خالصاً، أشر من الكافر والله أعلم"ا.هـ[16]
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : "الإيمان الصادق يتضمن قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح"ا.ه[17]





مدونة تمهل
@tmhhl1433





[1] أخرجه يسنده اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/193)
[2]أخرجه يسنده اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/63)
[3]أخرجه يسنده اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/170)
[4]أخرجه يسنده اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/175)
[5]أخرجه يسنده اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/193)
[6] أخرجه بسنده اللالكائي في اعتقاد أهل السنة لللالكائي (5/ 956)، وانظر مجموع الفتاوى لشيخ الاسلام (7/ 209).
[7] أخرجه يسنده اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/197)
[8]أخرجه يسنده اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/202)
[9]أخرجه يسنده اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/930)
[10]الشرعية للآجري (ص:119)
[11]الإبانة الكبرى (2/765)
[12] أ خرجه يسنده اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة (5/ 887) و رواه الخلال في السنة (3/ 586)،
[13]مجموع الفتاوى (7/672)
[14]مجموع الفتاوى (7/506)
[15]الفوائد (ص:58)
[16] الدرر السنية في الأجوبة النجدية (2/ 124)
[17]الفتاوى  (5/87)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق