الخميس، 26 يوليو 2012

"ثوّارُ الفِكْر".. أسقطوا مَنْ ؟ وماذا ؟! (1)


بسم الله الرحمن الرحيم

قال العلامة الفقيه محمد الصالح العثيمين رحمه الله:
((أنصحك بأن تسمع أشرطةَ الشيخ ابن باز.. أشرطة الشيخ الألباني.. أشرطة العلماء المعروفين بالاعتدال وعدم "الثورة الفكريَّة"))اهــــــــــ.

لم يكن الجهرُ بجواز المظاهراتِ ظاهرا في الناس قبل سنيَّات، ولا يجهر بهذا ويشيعه في بلادِ الحرمين إلا القليل.
حيث إنَّ الفتوى –في بلادِنا- على تحريمها ولِما تؤدي إليه من فوضى وضياع مصالح وسفك دماء وانتهاك أعراض.
والإصلاحُ لا يكون بالفوضى.
ولأنَّ الله تعالى قد وزَع بالسلطان في بلادِ الحرمين قوما لم يزَعُهم القرآن!

لكن لمَّا اشتدت فصائلُ "الثورة الفكريَّة" في سحْب البساط من تحت علماء السنة المعتبرين في الفتوى، وانفجرت قنواتُ الإعلام الجديد.. وصار الناس يتلفتون أكثر إلى من يسقي البذور التي دفنها "ثوار الفِكْر" في نفوسِهم، علَّق "البو عزيزي" الجرس الأخير، فضجَّت أصداؤه في العالم الإسلامي، ما بين جمْعٍ ثائر، وجموعٍ تتلقى دروسَ الثورة، على أيدي معلِّمين كانوا يهمسون فصاروا يصرخون في الأرجاء..!

والحقائقُ إنْ تغيَّرتْ في النفوس لم تتغير في الواقع.

والحق لا يحول إلى باطلٍ وإن قصُرَ لسانُه في زمان أو مكان.

وإنَّ الفتنَ في آخرِ الزمان أشدُّ ظلمة، وإذا اشتدَّتْ الظلمة كثُر الساقطون في الحُفَر.. فاللهم سلِّم سلّم!
وفي (مسلم) عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((بَدَأَ الإِسْلَامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ)).

قال العلامة ابن قيّم الجوزية رحمه الله [في مدارج السالكين]: (فهؤلاء هم الغرباء الممدوحون المغبوطون، ولقلتهم في الناس جدا؛ سموا غرباء، فإن أكثر الناس على غير هذه الصفات، فأهل الإسلام في الناس غرباء، والمؤمنون في أهل الإسلام غرباء، وأهل العلم في المؤمنين غرباء.
وأهل السنة الذين يميزونها من الأهواء والبدع فهم غرباء، والداعون إليها الصابرون على أذى المخالفين هم أشد هؤلاء غربة، ولكن هؤلاء هم أهل الله حقا، فلا غربة عليهم، وإنما غربتهم بين الأكثرين، الذين قال الله عز وجل فيهم: وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله، فأولئك هم الغرباء من الله ورسوله ودينه، وغربتهم هي الغربة الموحشة)اهـــ.

وإنَّ مما يزيد هذا المعنى –أعني الغربة-  وضوحا  كثرةُ اعتداد "ثوار الفكر" بكثرةِ الصائحين بفكرتِهم، المستصغرين لمن ينهج نهجَ العلماء الأول في إنكار المظاهرات والديمقراطيَّة والفوضى.
إذ لا يتباهى بالكثرة ويتعلّق فيها ويغرّ الناس بها في زمن الفتن: غريب!

 وإنّي حين أقول: (نهج العلماء الأول) أريد إخراج المفتون ممن لبِسَ لباسَهم وظنَّه الأعشى منهم!

فإنَّ هذا النهج الأول، يسلك الأمر الأول نهجَ السلفِ الصالح، ولم يأتِ بجديد.. بل اتبع الدليل وصدع بالحق فتفرق أهل الأهواء وأتباع كل ناعق عنه، ولم يبقَ إلا الغرباء ينافحون عنه ويدعون إليه. يرجون طوبى، عسى أن يحققها الله لهم!

ولقد نفشت الفتن الأخيرة ريشَ أقوام، فجرَّأتْهم على ما لم يجترئوا عليه من قبل، وانكشف عوراتٌ، وخرجَتْ رؤوس.. ما كنَّا ندريها.
حتى أشار الشيخ صالح الفوزان في مقدمة كتيب له نسيت اسمَه الآن، إلى أنَّ هذه الفتن الأخيرة قد كشفت عن حقيقة ناس كنا نحسن فيهم الظن.

ولقد قيل: جزى الله الشدائدَ كل خيرٍ
وإنْ كانت تغصّصني بريقي
وما شكري لها إلا لأنّي
عرفتُ بها عدوّي من صديقي


ومما أبدَتْه المحن:
1-  أنَّها كشفت قومًا كان ظاهرُهم التمسُّك بالدليل، واحترام أهل العلم، فصاروا يهزؤون بمن يقول بقول العلماء، ويحقِّرونه غاية التحقير.
2- وقوع كثير من هؤلاء بالكذب الصريح العجيب على أهلِ السنَّة، ولهذا أمثلة عديدة ظهرت في موقع تويتر، وغيره.
3- تناقض أقوام: كانوا يحرِّمون المظاهرات والخروج، فانقلبوا على أعقابِهم. وقد ظهر هذا جليا في مشايخ القنوات المصرية (الناس، والرحمة...)
4- وآخرين: كانوا يكفِّرون الحاكم بغير ما أنزل الله من غير تفصيل وانضباط بضوابط التكفير، فغيّروا! وكانوا يكفرون بالدستور الديمقراطي ويحذرون منه ويرون أنه حكم بغير ما أنزل الله، فصار عدلا قائما وربيعًا بدأتْ تنعم به الأمَّة!

وأمثلة التخبط كثيرة...

ولمَّا فاز ممثل حزبِ الإخوان برئاسة مصر، غشيتْهم سكرة الفرح، ونسي كثير منهم تأصيلاتِه، واستغلوا الحدث للسخرية بمن يأخذ بما أمر به رسولُ الله صلى الله عليه وسلَّم من السمع والطاعة للحاكم المسلم، بالمعروف في المنشط والمكره، والعسر واليسر، والصبر على الجور.
وظنوا لعجلَتِهم وسوء فهمهم أنَّ إنكار بدِع الإخوان يناقض منهج السمع والطاعة لـ(من يحكم) منهم!

فخابَ ظنّهم، وشمخ السلفيون بما أمرَ به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.
وإنَّ من غفلة المعتدين وسوء طويتهم ظنّهم أنَّ هذا شيء جديد علينا!
مع أنَّه متكرر في التاريخ، والعصر الحاضر!

وسبب ورطتهم في هذا الظن أنَّهم يعتقدون أن أمرنا بالطاعة أو نهينا عن الخروج يستلزم تزكيةَ الحكام!

وهذا الفهم السقيم جرَّهم إلى كذِبَاتٍ وتلبيساتٍ سخيفة ركيكة لا يزالون في سكرتِها يعمهون!


هذه الكلمة مقدمة لحديث يتبعُ إن شاء الله.











السبت، 14 يوليو 2012

يا هؤلاء، لا تكْذِبوا !


بسم الله الرحمن الرحيم 

يقول المدعو "حمد السيف" في تويتر:
"
منذ عشرين سنة خلت لم يسجل هؤلاﺀ المفتونون موقفا واحدا ينتصرون فيه للهئية أوالمحتسبين. لأنهم لا يرون ترك التخصص: محاربة الدعاة العاملين"اهـ.

قالها تعقيبًا على المتفلسف د. حسن الحميد حيث يقول -بحماسة-:


"أطالب الجامية وأدعياء السلفية بموقف واضح مما جرى ويجري للهئية من الصحف الفاسدة، أو أن وظيفتهم التهريج، ومعايشة الفساد؟"

 وأحب أن أزيل عن القارئ السلفي (المنبوز بالجاميَّة) دهشتَه من كذبة "حمد السيف" فأذكّرُه أنَّ الكذب لتشويه أهلِ الحق طريق سلكها أهل الأهواء من قديم، ولا يزالون يكذبون! فلا تعجبْ رحمك الله!
ولعلي أرجع إلى كذبات صُلعٍ فاه بها أشباهه في تويتر. وبعضهم ممن يُظهر الحمية للدين وله أثر لا بأس به في وعظ الناس ودعوتهم إلى العمل الصالح.

لكن قاتل الله الهوى ما أشد فتكَه في القلوب!
ألم يكن في قلوبِ هؤلاء لقولِ الله تعالى:
{كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}: انقياد؟!
أم يعرفون هذه الآية عند الكلام فيمن حرَّف في الشريعة؟!

دعني أخي القارئ لحظاتٍ قصيرة أحلِّل شيئا مما توحيه تلك التغريدتان:
1- وجدتُ في عباراتِ عدد من الباغِين على السلفيين، ما يدل على أنَّهم يحكمون في أمر السلفيين بالتخرّص أو بما يشيعه كتّاب المنتديات ومن جرى مجراهم.  والحكمُ على الشيء فرعٌ عن تصوره، والتصور لا يكون صحيحا بلا (تبيُّن) و(بحث).
وإنَّ للسلفيين (المنبوزين بالجاميَّة) سماتٍ تدل عليها كتبُهم وأشرطتهم، وكتاباتهم، يتنكَّر لها أهل البغي والعدوان. من ذلك: مشاركات السلفين في الدعوة إلى الله بشتى مجالاتها في السلوك والاعتقاد، وردودهم على أهل الزندقة والإلحاد والفجور والتغريب مع تصدِّيهم للرد على المتلقفين لأفكار الجماعات الوافدةِ على بلاد التوحيد، اشتغالهم بالعلم والتعليم في الفقه والأصول والتفسير وسائر فنون العلم الشرعي. وإنَّ إطلالة يسير على لوحات إعلان الدورات المكثفة فقط يعطي صورة جيدة في هذا الأمر فكيف لو تجوَّل الشانئ في مواقع علماء السلفيَّة (انظر مثلا: موقع المشايخ: زيد المدخلي – صالح السحيمي – علماء الدعوة السلفية في اليمن – د. محمد سعيد رسلان – هشام البيلي.....إلخ فكل هؤلاء متَّهمُون بالجاميَّة!) ليجد الدروس الكثيرة المتنوعة، أو لو طالع منتدى الإمام الآجري ليرى الجهود الحثيثة في تفريغ الدروس ووضعها في برامج تقنية متقدمة...

2-من الافتراء على السلفيين وصفهم بمعايشة الفساد والرضا بالفجور، وهذه دعوى تنكشف حقيقتها بالاستماع إلى مواعظ السلفيين. ففيها إنكار ما شاع من المنكرات، والحث على صالح العمل، وتقوى القلوب.
وأما أفراد الناس ففيهم وفيهم سواء انتموا إلى هؤلاء أم أولئك.

3-مِن الظواهر التي لفتت نظري كثرة كذب "مشايخٍ" و"دعاةٍ" في تويتر، ويا ليتها كذبة مستورة، بل صلعاء تلمع!
وتفكَّرْتُ في سبب تلك الجرأة، فوجدتُ أنَّ هؤلاء الكذَبَة، لهم أتباع وأولياءُ كُثر ولم يتعودوا من أتبعاعم وأوليائهم: الاعتراض عليهم أو التكذيب لقولهم.
فلن يقول أحد هؤلاء لهم: "تكذب، يا شيخ!" ولن يجرؤ عليها غيرُ السلفيين (المكذوب عليهم!) وهذا قد يفرحهم لأنَّهم يريهم أثرَ الغيظ الذي تركوه في نفوسِهم!
فاكذبوا واكذبوا وعجّلوا في سحبِ الحبلِ القصير! و(
ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا)

اعذرني أيها المُطالِع الكريم، فقد أطلتُ عليك. وعودا على بدء أقول:
لقد كذَبَ "حمد السيف" على السلفيين حين رماهم بما رماهم به، وإليك كلمات جمعتُها على عجَل نطق بها متَّهمون بتهمة (الجاميَّة) (!) عسى أن تدفع "السيف" إلى أن يعود إلى نفسِه ويلومها على مسارعتِها في القولِ الكَذِب:

(1) د.عبد العزيز الريّس
كتب مقالا بعنوان: "
جهاز الحسبة (هيئة الأمر بالمعروف) من أسباب تمكين الدولة السعودية" دافع فيه عن الهيئة وردَّ فيه على المناوئين لها.

(2) عايد الشمري:
قال عن الهيئة: "يحاول البعض من أن ينسج لهم من الأمور التي تؤدي إلى تشويه صورتهم لكن هيهات هيهات، باقية هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على رغم أنوفهم وليس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مقصورا على هيئة أو وظيفة، بل هو وظيفة كل مسلم ، كل مسلم وظيفته شرعا أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) من رأى منكم منكرا عام كلنا معنيون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لابد علينا أن نطبق هذا الأمر وإلا والله سوف يؤدي هذا إلى ضياع أوطاننا وبناتنا وأبنائنا وإلى أن تصبح بيوتنا جحيما وأن تصبح أوطاننا نارا تتلظى تحرق أقدامنا وأجسادنا وأخلاقنا وعقولنا"اهـ [من كلمة مفرَّغة بعنوان: رسالة إلى الشباب]

قال: "نحبه... لأنه دعم جهاز الحسبة ( هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) ووقف ضد محاولات التيار الليبرالي التغريبي لتشويه صورتها"اهـ [من مقال بعنوان: لهذه الأسباب نحن السعوديون نحب نايف بن عبدالعزيز]

(3) بندر المحياني:
"إذا انتقد الليبرالي أخطاء بعض رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قل له: دعنا من الأخطاء الفردية وحدثني عن رأيك في شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلو افترضنا أن رجال الهيئات على خطأ هل تعتقد أن مبدأ الاحتساب الذي جاء في الكتاب والسنة مبدأ صحيح أم فيه اعتداء على الحرية؟ معنى أنك لا تناقشه في أفعال الناس وإنما ناقشه فيما جاء عن النبي وأصحابه هل يتقبّله أم لا؟
فإن قال لك: لا أتقبله! فهذا الكفر بعينه..." [من مقال: كل ما تريد معرفته عن الليبرالية]

(4) ردَّ الكاتب: ضياء الشميري -من كتاب منتدى الإمام الآجري- على من يقول: "ولو كان المذهب الوهابي يمثل الإسلام الصحيح لما تتبع عورات المسلمين ولما تجسس على عقائدهم تحت ستار (هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر)(!)":
قال ضياء: في الحقيقة أنت من يستخدم الستار ..
هل مقالتك هذه تعتبر نصحا لله في التحذير من(الفقه الوهابي) ؟
إن كانت الإجابة "بنعم"..
فأين ما يؤكد مصداقية هذا النصح ؟
هنا توهمنا أنك تؤمن بركن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
ولكن تنتقد كيفية التعامل بأدوات هذا الركن وتطبيقه على الواقع .
أسقطت هذا الركن الشريف في مصطلحات نابية كـ (تتبع عورات المسلمين).اهـ.
[من مقال: الرد على المقال الخاوي أحمد رمضان الديباوي].

وبعد، فإنِّي أعترف أنني لم أتقصى البحث عن مقالات إخواني السلفيين، وأعترف أنَّ احتياجي إلى البحث في مثل هذا الأمر: أمرٌ ظريف! لكنَّ الناس في هذا الزمن صاروا يسرعون إلى تلقف الأكاذيب قبل أن تسرع إليهم!

وأقول إنَّ جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أكثر الأشياء التي يفتخر بها السلفيون، ويحمدون الله على وجودها في هذا البلد.

 وأقول في ختام هذه الكلمة العابرة: إنَّ من أبرز الفروق بيننا وبين كثيرٍ من الشانئين أنَّهم يطلقون الأوصاف جُرْدا عن الأدلة والوثائق، ونقول كلمتنا فيهم بالدليل!

وانظر أخي في هذه الرابط واستمع إلى شهادةِ عالم في العقيدة وداعية إلى التوحيد:
http://www.youtube.com/watch?v=3ioGLwvOJE8

اللهم أصلح حالنا وحالهم، وردَّ المخطئ منا ومنهم إلى الصواب، واجمعنا وإياهم على كلمة الحق!
مدوَّنة تمهَّلْ

@tmhhl1433
25 / 8 / 1433

الجمعة، 13 يوليو 2012

تعليق على كلام أ. عمر الزيد على «الجاميَّة»




بسم الله الرحمن الرحيم

أعرفُ عن الأستاذ الباحث عمر الزيد التحري والدقة عند تصنيف فِرَق الشيعة، فيذكر أن الطائفة الفلانيَّة أقلّ ضلالا من تلك، وأن أخرى أكثر اعتدالا.
وهذا من تحري الإنصاف –فيما أحسِب-

وكنتُ أحبُّ للأستاذ الزيد أن يكون كلامه فيمن يجتمع وإياهم على التوحيد، وحب الصحابة، أكثر إنصافا ودقَّة.
لكنّه فاجأ الناس بغير ذلك. وللأسف. وإليك الشرح:
تلقى الأستاذ سؤالا عن علاقة الإخوان بفرنسا، وعلاقتهم بإيران. وواضح من أن السائل عامي، ليس ذا دراية بالجماعات. حيث ظنَّ أن جمال الدين الأفغاني هو: المؤسس لجماعة الإخوان.
وكان الأولى بمن سُئِل أن يكون أرفق وأكثر هدوء مع من هذه حاله. لكن يبدو أنَّ السؤال قد حرَّك في نفسِ الأستاذ الباحث أشياء.
- أقرَّ الأستاذ بأن لبعض الإخوان مواقف (مخزية) –على حدِّ تعبيره- مع الشيعة. والحق أن الحقائق الموثقة من كتب الإخوان ولقاءاتهم المسجَّلة تثبِتُ هذا، حتى لو أراد أ. الزيد أن ينكره.
- أراد أن يدعو إلى إنصاف الإخوان المسلمين، فذكر أنهم أصناف متنوعة. وهذا صحيح!
- ثم خرج من ذلك ليطعن فيمن سمَّاهم الجاميَّة (وهم قوم أرادوا التنبيه على ما دخل على أهل السنة من أفكار وافدة من الجماعات المختلفة، فاجتهدوا في تصحيح أمور منها: 1/ الموقف من الحاكم المسلم. 2/ متى يجوز الخروج ومتى لا يجوز. 3/ كيف يكون الجهاد صحيحا 4/ ما الطريق الصحيح إلى الاجتماع 5/ ما الموقف الصحيح من البدع وأهلها، ويُنسَبُون إلى الشيخ الدكتور محمد أمان الجامي رحمه الله وهو عالم كان يدرس في الحرم النبوي، أثنى عليه عدد من العلماء كابن باز رحمه الله وصالح الفوزان واللحيدان والسبيل)
ولما تكلم الأستاذ عمر الزيد عن الجاميَّة نسي طريقته التي عامل بها الروافض، والتي دعا أن نتعامل بها مع الإخوان!
فذكر اسم رجل يُدعى أسامة القوصي، وهو رجل عنده تخليطات تطورت فدفعته إلى الانتكاس عن السلفيَّة، فصار ضائعا بين ثلاث طوائف: (الإخوان – السلفية – دعاة التغريب).
ولقد تبرأ منه السلفيون (المنبوزون بالجامية) وردوا عليه قبل زمن.

وكأنَّ الزيد أراد أن يجعل القوصي يمثّل فكر من سماهم الجاميَّة. وهذا ظلم وتجنٍّ!
ثم ردَّد الزيد أكذوبة كذبَها بعض المعتدين على الشيخ الدكتور محمد سعيد رسلان (صاحب الدروس الماتعة والمتنوعة في فنون مختلفة)
حيث اتهمه كما اتهمه الكاذبون بأنَّه ناصَرَ أحمد شفيق ضد محمد مرسي في رئاسة مصر.
وهذا كذبٌ، فالدكتور محمد رسلان لا يجيز الانتخابات والديمقراطية فكيف يخوض غمارَها، والرجل لم ينطق بما يؤيد شفيق أبدا.
بل إنَّ الدكتور يقول: ((يرموننا مينًا وكذبًا بما رفعنا الله عنه وطهرنا الله منه، وهذه كلماتي التي أنعم الله علي بقولها، وأنطقني ذو الجلال تعالى بها من مقروءٍ ومسموع، مشاعةٌ مبذولة، وهي من الكذَبَةِ على طرف البنان؛ فليأتوا بكلامي مسموعا ومقروءا بكلمة واحدة ناصرتُ بها ظالما أو أيَّدتُ بها من أهل الجور حاكما. أعطيهم سنةً كاملة، لينظروا ويسمعوا، وإنَّا لمنتظرون. ما قررتُ إلا عقيدة أسلافي الكرام وما نهجت إلا نهجَ أولئك الأعلام، وبلا حول مني ولا حيلة إنما هو تفضّل المليك العلام)) اهـــ.
http://www.youtube.com/watch?v=gihDMeszPQQ&feature=plcp

هذا كلام الدكتور رسلان، وإنَّ من يتابع دروسَه يعرف براءتَه من تلك التهمة.

ثم إني أقول: إنَّ الذي دفع البعض إلى الظن بالدكتور هذا الظن هو أن الشيخَ ممن يرد على جماعة الإخوان المسلمين خلطَهم في أصول الدين. وهم لفرط تعصبهم يظنون أن من ناوئ الإخوان وافق العدو المشترك!
 ثم انتقل الزيد إلى ترديد كذبات أخَر يرددها المناوئون للسلفيين، وهي: أنَّ الجاميَّة يناصرون طاغية الشام، وطاغية ليبيا قبلَه.
ولكي أكون أكثر دقَّة أقول، إنَّ لهذه التهمة أربعة أسباب تقريبا:
الأول: يرى السلفيون حرمة المظاهرات وأنها لا تجوز أبدا. وألفوا في ذلك عدة كتب (منها: "المظاهرات والاعتصامات ولإضرابات رؤية شرعيَّة" لـ أ.د. محمد الخميس: 
http://www.archive.org/download/Mudhahrat/Mudhahrat.pdf

 و"تنبيهات على مقالٍ حول إباحة المظاهرات السلمية" للشيخ عبد المحسن العبَّاد:
https://sites.google.com/site/oalbadr/alfunisan/alfunisan.pdf?attredirects=0

 و"النقض على مجوزي المظاهرات والاعتصامات" لـ د. عبد العزيز السعيد:   
http://www.islamspirit.com/click/go-e.php?id=158


و"المظاهرات في ميزان الشريعة" لـعبد الرحمن الشثري:  http://www.archive.org/download/bza33/bza33.pdf
وغيرهم...)
وللعلماء (ومنهم: الألباني وابن باز وابن عثيمين رحمهم الله، والفوزان والراجحي وغيرهم) فتاوى معروفة فيها تبين حرمتها.

ويرى السلفيون كذلك أنَّ الخروج على الحاكم الكافر كفرا بواحا يجوز بشرط القدرة (قرر ذلك كل من ابن باز:
http://www.binbaz.org.sa/mat/1935 وابن عثيمين: http://www.ald3wh.com/viewaudio.php?cat=14&sid=380  رحمهما الله والراجحي:  http://portal.shrajhi.com/index.php/Fatawa/ID/1315 وغيرهم)

ولقد أثبت واقع سوريا أن الخروج على الكافر بلا قدرة مَهْلكة. فكم ضاعت من دماء المسلمين، وكان الأولى أن يكوّنوا لهم قوة ويولوا عليهم قائدا ثم يعزلوا الطاغية الكافر. هنا ستكون الأضرار أقل. 
هذا باختصار قول السلفيين.
ولقد أراد أهل الكذب والعدوان أن يفسروا ذلك بأنه مناصرة لطاغية الشام الكافر، ضد الشعب المسكين. ونقول: سبحانك هذا بهتان عظيم!

الثاني: أنَّ إعلام ليبيا فعل كما فعلت الجزائر أيام الثورة الجزائرية. استغلوا فتاوى العلماء في حكم المظاهرات والخروج لصالحهم.
وفعلهم هذا لا يغير من الحكم الشرعي شيئا! فكم من متحجج بالقرآن والسنة على ضلاله وبغيه؟! أفنعطّل القرآن والسنة بسبب استغلاله؟!

استغل المناوئون هذا الموقف من السلفيين للطعن فيهم وادعاء أنهم موالون للطغاة مؤيدون للطغيان.
هذا مع تصريح غير واحد من شيوخ السلفيين بتكفير القذافي. وقد قال أحدهم (وهو د. محمد بن هادي المدخلي) أنا أكفّر القذافي من ثلاثين سنة!
ومع أنَّ السلفيين في ليبيا كانوا يشتكون كثيرا من حرب القذافي لهم ومنعه للكتب السلفيَّة! وهذا معروف مشهور.

الثالث: قد يدخل في صفوف السلفيّين مَنْ يفهمها كفهم المناوئين لها. فيروِّج عن السلفيَّة ما يروجه المبطلون، وهو لا يشعر فلا عبرة بهذا.
كمن يفهم أنَّ الدين الإسلامي شيئا فتنفر عنه نفسه فيأباه، ويفهم آخر نفس هذا الفهم فيطبق ما فهم.. لا ما دلَّ عليه الدليل.

الرابع: أنَّ أحد أهلِ العلم بسبب أنه لم يتابع الشأن السوري جيدا أو لسبب آخر ظنَّ أن بعض الأخبار لا تصح فكتب مقالة أراد منها تحريم الخروج وذكر أمورا، فناقشه طالب علم هو من المقربين إليه المحبين له.
http://www.turkmani.com/com_articles/details/53

(بينما يقع بعض الدعاة في خطايا فكرية واضحة ويسكتُ عنه أقرانُه وأولياؤه وينطقون إذا كان بعضُ بعضِ هذا الخطأ عند واحد غيرهم!).

ولقد استغل المناوئون موقف طالب العلم ذلك، ليجعلوه يمثل موقف السلفيين! بعامَّة هذا مع شدة اهتمامهم بدعاية الإنصاف!

وفي النهاية أسأل الأستاذ عمر الزيد:
ما الذي جعل الشيعةَ، وجماعة الإخوان، ينالون من تحرِّيك وإنصافك الكريم، بينما يحرَمُ ذلك من سميتهم (جاميَّة)؟ حيث جعلتَهم في دائرة واحدة وقذفتَهم بجريرة بعضهم -أو بعضِ من تظن أنه منهم-؟ ألم تتمرَّسْ على التدقيق في وصف طبقات الفِرَق وألوان الطوائف؟ أم غشى قلبك أمرٌ هذه المرَّة؟!

كتبتُ ذلك لأدعو كلَّ عاقل أن لا يسمح لنفسه بأن يكون إمعة يركض مع الناس بلا تفكير، بوالي من يوالون ويعادي من يعادون، ولا ينظر في الحقائق بل يتبع أصحابه وما ألفه من العادات الفكرية والمسالك الحركيَّة.

مدوَّنة تمهَّلْ !




تمهَّل !


بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المطالِع الكريم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وحياك الله مفيدا ومستفيدا، أما بعد؛

فقد تساقطت الفتن من كل جانب
واشتد ظلماتها
وتفرق المسلمون بسببها.

ولكن
ليس علينا أن نندب الحال فقط
بل علينا أن نتلمس سبيلَ النجاة، ونبحث في دلائل الحق، ونستير بنورها عسى أن يوفقنا الله للطريقة المثلى.

والقائمون على هذه المدونة يحول مشاركة المطالع الكريم بما عندهم من فوائد ونصائح وبحوث يرجون أن تكون مما يقرب إلى الحق ويُباعد عن سبُل الضلالة.

فلا تحرْمنا من نصحك وتصحييك إن رأيتَ منا خللا
ولا من دعوة صادقة نجد وإياك حسن عاقبتها عند الله تعالى.

إخوانك في
مدوّنة: تمهَّلْ !