الجمعة، 13 يوليو 2012

تعليق على كلام أ. عمر الزيد على «الجاميَّة»




بسم الله الرحمن الرحيم

أعرفُ عن الأستاذ الباحث عمر الزيد التحري والدقة عند تصنيف فِرَق الشيعة، فيذكر أن الطائفة الفلانيَّة أقلّ ضلالا من تلك، وأن أخرى أكثر اعتدالا.
وهذا من تحري الإنصاف –فيما أحسِب-

وكنتُ أحبُّ للأستاذ الزيد أن يكون كلامه فيمن يجتمع وإياهم على التوحيد، وحب الصحابة، أكثر إنصافا ودقَّة.
لكنّه فاجأ الناس بغير ذلك. وللأسف. وإليك الشرح:
تلقى الأستاذ سؤالا عن علاقة الإخوان بفرنسا، وعلاقتهم بإيران. وواضح من أن السائل عامي، ليس ذا دراية بالجماعات. حيث ظنَّ أن جمال الدين الأفغاني هو: المؤسس لجماعة الإخوان.
وكان الأولى بمن سُئِل أن يكون أرفق وأكثر هدوء مع من هذه حاله. لكن يبدو أنَّ السؤال قد حرَّك في نفسِ الأستاذ الباحث أشياء.
- أقرَّ الأستاذ بأن لبعض الإخوان مواقف (مخزية) –على حدِّ تعبيره- مع الشيعة. والحق أن الحقائق الموثقة من كتب الإخوان ولقاءاتهم المسجَّلة تثبِتُ هذا، حتى لو أراد أ. الزيد أن ينكره.
- أراد أن يدعو إلى إنصاف الإخوان المسلمين، فذكر أنهم أصناف متنوعة. وهذا صحيح!
- ثم خرج من ذلك ليطعن فيمن سمَّاهم الجاميَّة (وهم قوم أرادوا التنبيه على ما دخل على أهل السنة من أفكار وافدة من الجماعات المختلفة، فاجتهدوا في تصحيح أمور منها: 1/ الموقف من الحاكم المسلم. 2/ متى يجوز الخروج ومتى لا يجوز. 3/ كيف يكون الجهاد صحيحا 4/ ما الطريق الصحيح إلى الاجتماع 5/ ما الموقف الصحيح من البدع وأهلها، ويُنسَبُون إلى الشيخ الدكتور محمد أمان الجامي رحمه الله وهو عالم كان يدرس في الحرم النبوي، أثنى عليه عدد من العلماء كابن باز رحمه الله وصالح الفوزان واللحيدان والسبيل)
ولما تكلم الأستاذ عمر الزيد عن الجاميَّة نسي طريقته التي عامل بها الروافض، والتي دعا أن نتعامل بها مع الإخوان!
فذكر اسم رجل يُدعى أسامة القوصي، وهو رجل عنده تخليطات تطورت فدفعته إلى الانتكاس عن السلفيَّة، فصار ضائعا بين ثلاث طوائف: (الإخوان – السلفية – دعاة التغريب).
ولقد تبرأ منه السلفيون (المنبوزون بالجامية) وردوا عليه قبل زمن.

وكأنَّ الزيد أراد أن يجعل القوصي يمثّل فكر من سماهم الجاميَّة. وهذا ظلم وتجنٍّ!
ثم ردَّد الزيد أكذوبة كذبَها بعض المعتدين على الشيخ الدكتور محمد سعيد رسلان (صاحب الدروس الماتعة والمتنوعة في فنون مختلفة)
حيث اتهمه كما اتهمه الكاذبون بأنَّه ناصَرَ أحمد شفيق ضد محمد مرسي في رئاسة مصر.
وهذا كذبٌ، فالدكتور محمد رسلان لا يجيز الانتخابات والديمقراطية فكيف يخوض غمارَها، والرجل لم ينطق بما يؤيد شفيق أبدا.
بل إنَّ الدكتور يقول: ((يرموننا مينًا وكذبًا بما رفعنا الله عنه وطهرنا الله منه، وهذه كلماتي التي أنعم الله علي بقولها، وأنطقني ذو الجلال تعالى بها من مقروءٍ ومسموع، مشاعةٌ مبذولة، وهي من الكذَبَةِ على طرف البنان؛ فليأتوا بكلامي مسموعا ومقروءا بكلمة واحدة ناصرتُ بها ظالما أو أيَّدتُ بها من أهل الجور حاكما. أعطيهم سنةً كاملة، لينظروا ويسمعوا، وإنَّا لمنتظرون. ما قررتُ إلا عقيدة أسلافي الكرام وما نهجت إلا نهجَ أولئك الأعلام، وبلا حول مني ولا حيلة إنما هو تفضّل المليك العلام)) اهـــ.
http://www.youtube.com/watch?v=gihDMeszPQQ&feature=plcp

هذا كلام الدكتور رسلان، وإنَّ من يتابع دروسَه يعرف براءتَه من تلك التهمة.

ثم إني أقول: إنَّ الذي دفع البعض إلى الظن بالدكتور هذا الظن هو أن الشيخَ ممن يرد على جماعة الإخوان المسلمين خلطَهم في أصول الدين. وهم لفرط تعصبهم يظنون أن من ناوئ الإخوان وافق العدو المشترك!
 ثم انتقل الزيد إلى ترديد كذبات أخَر يرددها المناوئون للسلفيين، وهي: أنَّ الجاميَّة يناصرون طاغية الشام، وطاغية ليبيا قبلَه.
ولكي أكون أكثر دقَّة أقول، إنَّ لهذه التهمة أربعة أسباب تقريبا:
الأول: يرى السلفيون حرمة المظاهرات وأنها لا تجوز أبدا. وألفوا في ذلك عدة كتب (منها: "المظاهرات والاعتصامات ولإضرابات رؤية شرعيَّة" لـ أ.د. محمد الخميس: 
http://www.archive.org/download/Mudhahrat/Mudhahrat.pdf

 و"تنبيهات على مقالٍ حول إباحة المظاهرات السلمية" للشيخ عبد المحسن العبَّاد:
https://sites.google.com/site/oalbadr/alfunisan/alfunisan.pdf?attredirects=0

 و"النقض على مجوزي المظاهرات والاعتصامات" لـ د. عبد العزيز السعيد:   
http://www.islamspirit.com/click/go-e.php?id=158


و"المظاهرات في ميزان الشريعة" لـعبد الرحمن الشثري:  http://www.archive.org/download/bza33/bza33.pdf
وغيرهم...)
وللعلماء (ومنهم: الألباني وابن باز وابن عثيمين رحمهم الله، والفوزان والراجحي وغيرهم) فتاوى معروفة فيها تبين حرمتها.

ويرى السلفيون كذلك أنَّ الخروج على الحاكم الكافر كفرا بواحا يجوز بشرط القدرة (قرر ذلك كل من ابن باز:
http://www.binbaz.org.sa/mat/1935 وابن عثيمين: http://www.ald3wh.com/viewaudio.php?cat=14&sid=380  رحمهما الله والراجحي:  http://portal.shrajhi.com/index.php/Fatawa/ID/1315 وغيرهم)

ولقد أثبت واقع سوريا أن الخروج على الكافر بلا قدرة مَهْلكة. فكم ضاعت من دماء المسلمين، وكان الأولى أن يكوّنوا لهم قوة ويولوا عليهم قائدا ثم يعزلوا الطاغية الكافر. هنا ستكون الأضرار أقل. 
هذا باختصار قول السلفيين.
ولقد أراد أهل الكذب والعدوان أن يفسروا ذلك بأنه مناصرة لطاغية الشام الكافر، ضد الشعب المسكين. ونقول: سبحانك هذا بهتان عظيم!

الثاني: أنَّ إعلام ليبيا فعل كما فعلت الجزائر أيام الثورة الجزائرية. استغلوا فتاوى العلماء في حكم المظاهرات والخروج لصالحهم.
وفعلهم هذا لا يغير من الحكم الشرعي شيئا! فكم من متحجج بالقرآن والسنة على ضلاله وبغيه؟! أفنعطّل القرآن والسنة بسبب استغلاله؟!

استغل المناوئون هذا الموقف من السلفيين للطعن فيهم وادعاء أنهم موالون للطغاة مؤيدون للطغيان.
هذا مع تصريح غير واحد من شيوخ السلفيين بتكفير القذافي. وقد قال أحدهم (وهو د. محمد بن هادي المدخلي) أنا أكفّر القذافي من ثلاثين سنة!
ومع أنَّ السلفيين في ليبيا كانوا يشتكون كثيرا من حرب القذافي لهم ومنعه للكتب السلفيَّة! وهذا معروف مشهور.

الثالث: قد يدخل في صفوف السلفيّين مَنْ يفهمها كفهم المناوئين لها. فيروِّج عن السلفيَّة ما يروجه المبطلون، وهو لا يشعر فلا عبرة بهذا.
كمن يفهم أنَّ الدين الإسلامي شيئا فتنفر عنه نفسه فيأباه، ويفهم آخر نفس هذا الفهم فيطبق ما فهم.. لا ما دلَّ عليه الدليل.

الرابع: أنَّ أحد أهلِ العلم بسبب أنه لم يتابع الشأن السوري جيدا أو لسبب آخر ظنَّ أن بعض الأخبار لا تصح فكتب مقالة أراد منها تحريم الخروج وذكر أمورا، فناقشه طالب علم هو من المقربين إليه المحبين له.
http://www.turkmani.com/com_articles/details/53

(بينما يقع بعض الدعاة في خطايا فكرية واضحة ويسكتُ عنه أقرانُه وأولياؤه وينطقون إذا كان بعضُ بعضِ هذا الخطأ عند واحد غيرهم!).

ولقد استغل المناوئون موقف طالب العلم ذلك، ليجعلوه يمثل موقف السلفيين! بعامَّة هذا مع شدة اهتمامهم بدعاية الإنصاف!

وفي النهاية أسأل الأستاذ عمر الزيد:
ما الذي جعل الشيعةَ، وجماعة الإخوان، ينالون من تحرِّيك وإنصافك الكريم، بينما يحرَمُ ذلك من سميتهم (جاميَّة)؟ حيث جعلتَهم في دائرة واحدة وقذفتَهم بجريرة بعضهم -أو بعضِ من تظن أنه منهم-؟ ألم تتمرَّسْ على التدقيق في وصف طبقات الفِرَق وألوان الطوائف؟ أم غشى قلبك أمرٌ هذه المرَّة؟!

كتبتُ ذلك لأدعو كلَّ عاقل أن لا يسمح لنفسه بأن يكون إمعة يركض مع الناس بلا تفكير، بوالي من يوالون ويعادي من يعادون، ولا ينظر في الحقائق بل يتبع أصحابه وما ألفه من العادات الفكرية والمسالك الحركيَّة.

مدوَّنة تمهَّلْ !




هناك تعليق واحد: