السبت، 15 يونيو 2013

المنتقى من كلام الشيخ ابن عثيمين في الجهاد


المنتقى من كلام الشيخ ابن عثيمين في الجهاد


·       الجهاد في سبيل الله من أفضل الأعمال التطوعية :
قال رحمه الله [الشرح الممتع (4/6) ] : " آكد ما يتطوع به من العبادات البدنية: الجهاد.
وقيل: العلم.
والصحيح: أنه يختلف باختلاف الفاعل؛ وباختلاف الزمن، فقد نقول لشخص: الأفضل في حقك الجهاد، والآخر: الأفضل في حقك العلم، فإذا كان شجاعا قويا نشيطا؛ وليس بذاك الذكي؛ فالأفضل له الجهاد؛ لأنه أليق به. وإذا كان ذكيا حافظا قوي الحجة؛ فالأفضل له العلم، وهذا باعتبار الفاعل.
وأما باعتبار الزمن؛ فإننا إذا كنا في زمن تفشى فيه الجهل والبدع، وكثر من يفتي بلا علم؛ فالعلم أفضل من الجهاد، وإن كنا في زمن كثر فيه العلماء؛ واحتاجت الثغور إلى مرابطين يدافعون عن البلاد الإسلامية؛ فهنا الأفضل الجهاد. فإن لم يكن مرجح، لا لهذا ولا لهذا؛ فالأفضل العلم.
قال الإمام أحمد : العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته. قالوا: كيف تصح النية؟ قال: ينوي بتواضع، وينفي عنه الجهل. وهذا صحيح؛ لأن مبنى الشرع كله على العلم، حتى الجهاد مبناه على العلم، ويدل لهذا قوله تعالى: {وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم} [التوبة: 122] فنفى الله أن ينفر المسلمون كلهم إلى الجهاد، ولكن ينفر طائفة ويبقى طائفة لتتعلم؛ حتى إذا رجع قومهم إليهم أخبروهم بما عندهم من الشرع، ولكن يجب في الجهاد وفي العلم تصحيح النية؛ وإخلاصها لله عز وجل، وهو شرط شديد؛ أعني: إخلاص النية، كما قال الإمام أحمد رحمه الله: شرط النية شديد؛ لكنه حبب إلي فجمعته"ا.هـ

***
·        أقسام الجهاد وأنواعه :
قال رحمه الله [ الشرح الممتع (8/5) ] "ينقسم الجهاد إلى ثلاثة أقسام: جهاد النفس، وجهاد المنافقين، وجهاد الكفار المبارزين المعاندين.
أما النوع الأول:
فهو جهاد النفس: وهو إرغامها على طاعة الله، ومخالفتها في الدعوة إلى معصية الله، وهذا الجهاد يكون شاقا على الإنسان مشقة شديدة، لا سيما إذا كان في بيئة فاسقة، فإن البيئة قد تعصف به حتى ينتهك حرمات الله، ويدع ما أوجب الله عليه، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم حينما رجع من غزوة تبوك أنه قال: «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر» ، يعني جهاد النفس، لكنه حديث غير صحيح.
أما النوع الثاني:
فهو جهاد المنافقين، ويكون بالعلم، لا بالسلاح؛ لأن المنافقين لا يقاتلون، فإن النبي صلى الله عليه وسلم استؤذن أن يقتل المنافقون الذين علم نفاقهم فقال: «لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه»، والدليل على أنهم يجاهدون قول الله تعالى: {ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين} [التحريم: 9] . ولما كان جهاد المنافقين بالعلم، فالواجب علينا أن نتسلح بالعلم أمام المنافقين الذين يوردون الشبهات على دين الله؛ ليصدوا عن سبيل الله، فإذا لم يكن لدى الإنسان علم فإنه ربما تكثر عليه الشبهات والشهوات والبدع ولا يستطيع أن يردها.
أما النوع الثالث:
فهو جهاد الكفار المبارزين المعاندين المحاربين، وهذا يكون بالسلاح، وقد يقال: إن قوله تعالى: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} [الأنفال: 60] يشمل النوعين: جهاد المنافقين بالعلم، وجهاد الكفار بالسلاح، ولكن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ألا إن القوة الرمي»، يؤيد أن المراد بذلك السلاح، والمقاتلة"ا.هـ

***

·       أنواع مجاهدة الغير :
قال رحمه الله [شرح رياض الصالحين- باب المجاهدة، (1/114) ] : " مجاهدة الغير فإنها تنقسم إلى قسمين قسم بالعلم والبيان وقسم بالسلاح أما من مجاهدته بالعلم والبيان: فهو الذي يتسمى بالإسلام وليس من المسلمين مثل المنافقين وأهل البدع المكفرة وما أشبه ذلك فإن هؤلاء لا يمكن أن نجاهدهم بالسلاح لأنهم يتظاهرون بالإسلام وأنهم معنا ولكننا نجاهدهم بالعلم والبيان قال الله تعالى { يا أيها الذين النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير } فجهاد الكفار يكون بالسلاح وجهاد المنافقين يكون بالعلم والبيان ولهذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يعلم بأن في أصحابه منافقين ويعلمهم بأعيانهم ولكنه لا يقتلهم واستؤذن في قتلهم فقال لا يتحدث الناس بأن محمدا يقتل أصحابه فكذلك الذين ينطوون تحت لواء الإسلام من أهل البدع لا نقاتلهم بالسلاح لكننا نقاتلهم بالعلم والبيان ولهذا كان واجبا على شباب الأمة الإسلامية أن يتعلموا العلم على وجه راسخ ثابت لا على وجه سطحي كما يوجد في كثير من بيوت العلم حيث يتعلمون علما سطحيا لا يرسخ بالذهن علما يقصد به الإنسان أن يحصل على بطاقة أو شهادة فقط ولكن العلم الحقيقي هو العلم الذي يرسخ في القلب ويكون كالملكة للإنسان حتى إن الإنسان الذي يوفق لهذا النوع من العلم تجده لا يكاد تأتيه مسألة من المسائل إلا عرف كيف يخرجها على الأدلة من الكتاب والسنة والقياس الصحيح فلابد من علم راسخ والناس اليوم في عصرنا محتاجون إلى هذا النوع من العلم لأن البدع بدأ يفشوا ظلامها في بلدنا هذا بعد أن كانت نزيهة منها لكن نظرا لانفتاحنا على الناس وانفتاح الناس علينا وذهاب بعضنا إلى بلاد أخرى ومجئ آخرين إلى بلادنا ليسوا على عقيدة سليمة بدأت البدع تظهر ويفشوا ظلامها وهذه البدع تحتاج إلى نور من العلم يضيء الطريق حتى لا يصيب بلادنا ما أصاب غيرها من البدع المنكرة العظيمة التي قد تصل إلى الكفر والعياذ بالله فلابد من مجاهدة أهل البدع وأهل النفاق بالعلم والبيان وبيان بطلان ما هم عليه بالأدلة المقنعة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة الهدى من بعدهم أما النوع الثاني من جهاد الغير: فهو الجهاد بالسلاح وهذا في جهاد الأعداء الذين يظهرون العدواة للإسلام ويصرحون بذلك مثل اليهود والنصارى الذين يسمون بالمسيحين والمسيح منهم برئ عليه الصلاة والسلام المسيح لو أنه خرج لقائلهم وهم ينتسبون إليه يقول الله عز وجل { وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله } فماذا كان جواب عيسى ؟ { قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد } فعيسى ابن مريم قال لهم ما أمرهم الله به: اعبدوا الله ربي وربكم ولكنهم كانوا يعبدون عيسى ويعبدون مريم ويعبدون الله ويقولون إن الله ثالث ثلاثة إذن كيف يصح أن ينتسب هؤلاء إلى عيسى وهو يتبرأ منهم أمام الله عز وجل فاليهود والنصارى والمشركون من البوذيين وغيرهم والشيوعيون كل هؤلاء أعداء للمسلمين يجب على المسلمين أن يقاتلوهم حتى تكون كلمة الله هي العليا ولكن مع الأسف المسلمون اليوم في ضعف شديد وفي هوان وذل يقاتل بعضهم بعضا أكثر مما يقاتلون أعداءهم هم فيما بينهم يتقاتلون أكثر مما يتقاتلون مع أعدائهم ولهذا سلط الأعداء علينا وصرنا كالكرة في أيديهم يتقازفونها حيث يشاؤون لهذا يجب على المسلمين أن ينتبهوا لهذا الأمر وأن يعدوا العدة ولأن الله تعالى قال { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن ورباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم } وقال عز وجل { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } { يعطوا الجزية } أي يبذلون الجزية لنا { عن يد } فيها قولان للعلماء { عن يد } يعني: عن قوة منا عليها أو { عن يد } يعني عن واحدة من أيديهم بحيث يمدها هو بنفسه ـ اليهودي أو النصراني ـ ولهذا قال العلماء لو أرسل بها خادمة لم نأخذهم حتى يأتي بنفسه ويسلمها للمسئول من المسلمين وتصوروا كيف يزيد الله منا وكيف يكون الإسلام في هذه العزة تضرب عليهم الجزية ويأتون بها هم بأنفسهم ولو كان أكبر واحد منهم يأتي بها حتى يسلمها إلى المسئول في الدولة الإسلامية عن يد وهو صاغر أيضا لا يأتي بأبهة وبجنود وبقوم وبحشم بل يأتي وهو صاغر ثم إذا قال قائل: كيف تكون تعاليم الإسلام هكذا ؟ أليست هذه عصبية ؟ قلنا: عصبية لمن ؟ هل المسلمون يريدون عصبية لهم يستطيلون بها على الناس ؟
أبدا فالمسلمون أحسن الناس أخلاقا لكنهم يريدون أن تكون كلمة الخالق الذي خلقهم وخلق هؤلاء هي العليا ولا يمكن أن تكون هي العليا حتى يكون المسلمون هم الأعلون ولكن متى يكون المسلمون هم الأعلون ؟ يكونون كذلك إذا تمسكوا بدين الله حقا ظاهرا وباطنا وعرفوا أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين أما أن يذلوا عن دين الله ثم يذلوا أمام أعداء الله ثم يصيروا أذنابا لأعداء الله فأين العزة إذن ؟
لا يمكن أن تكون بهذا عزة أبدا الإسلام دين حق دين علو قال الله عز وجل { فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم } أي شيء تريدون بعد ؟ ..
أنتم الأعلون والله معكم تدعون إلى السلم ؟ كيف تهنون ؟ ولكن نظرا لتعثرنا في ديننا تأخرنا وكنا على العكس من ذلك كان الناس في عهد السلف الصالح يمشي المسلم وهو يريد أنه هو المستحق لأرض الله لأن الله قال في كتابه { ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون } فهو يرى أنه صاحب الأرض أما الآن فبالعكس مع الأسف الشديد ولهذا نحن نحث أبناءنا وشبابنا على أن يفقهوا الدين حقيقة ويتمسكوا به حقيقة وأن يحذروا أعداء الله عز وجل وأن يعلموا أنه لا يمكن لعدو الله وعدوهم أن يسعى في مصلحتهم إطلاقا بل لا يسعى إلا لمصلحة نفسه وتدمير المسلمين ومن ورائهم الإسلام فنسأل الله تعالى أن يعزنا بدينه وأن يعز دينه بنا وأن يجعلنا من دعاة الحق وأنصاره وأن يهئ للأمة الإسلامية قادة خير يقودونها لما فيه صلاحها وسعادتها في دينها ودنياها"ا.هـ
***





·       حكم الجهاد وفضله :
قال رحمه الله [الشرح الممتع (8/6-7) ] : " قوله: «وهو فرض كفاية»، وفرض الكفاية هو الذي إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، وصار في حقهم سنة، وهذا حكمه.
أما مرتبته في الإسلام فقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم: «ذروة سنام الإسلام»، والسنام هو الشحم النابت فوق ظهر الجمل، وذروته أعلاه، وإنما جعله النبي صلى الله عليه وسلم ذروة سنام الإسلام؛ لأنه يعلو به الإسلام ويرتفع به، كما أن سنام البعير كان فوقه مرتفعاا.هـ

***















·       ضرورة الإخلاص لله في الجهاد :
قال رحمه الله [شرح رياض الصالحين (1/5) ] : " يجب علينا في مثل هذه الظروف التي نعيشها اليوم يجب علينا أن نذكر جميع العامة بأن الدعوة إلى تحرير الوطن وما أشبه ذلك دعوة غير مناسبة، وأنه يجب أن يعبأ الناس تعبئة دينية، ويقال: إننا ندافع عن ديننا قبل كل شيء لأن بلدنا بلد دين وإسلام يحتاج إلى حماية ودفاع، فلابد أن ندافع عنه بهذه النية .
أما الدفاع بنية الوطنية أو بنية القومية فهذا يكون من المؤمن والكافر ولا ينفع صاحبه يوم القيامة، وإذا قتل وهو يدافع بهذه النية فليس بشهيد، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يقاتل حمية ويقاتل شجاعة ويقاتل ليرى مكانه أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله انتبه إلى هذا القيد .
إذا كنت تقاتل لوطنك فأنت والكافر سواء، لكن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ممثلة في بلدك لأن بلدك بلد الإسلام ففي هذه الحال ربما يكون القتال قتالا في سبيل الله .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من مكلوم يكلم في سبيل الله - والله أعلم بمن يكلم في سبيله - أي يجرح - إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دما اللون لون الدم والريح ريح المسك فانظر كيف اشترط النبي صلى الله عليه وسلم للشهادة أن يكون الإنسان يقاتل في سبيل الله فيجب على طلبة العلم أن يبينوا هذا والله الموفق "ا.هـ

***










·       متى يكون الجهاد فرض عين :
قال رحمه الله [الشرح الممتع (7/7-8)] : " قوله: «ويجب إذا حضره» ، هذا هو الموضع الأول من المواضع التي يتعين فيها الجهاد. فيجب الجهاد ويكون فرض عين إذا حضر الإنسان القتال، لقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار *ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب
من الله ومأواه جهنم وبئس المصير *} [الأنفال] ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: أن التولي يوم الزحف من الموبقات حيث قال: «اجتنبوا السبع الموبقات ـ وذكر منها ـ التولي يوم الزحف»، إلا أن الله تعالى استثنى حالين:
الأولى: أن يكون متحرفا لقتال بمعنى أن ينصرف؛ ليعمل من أجل القتال، كأن يستطرد لعدوه فإذا لحقه كر عليه فقتله.
الثانية: أن يكون منحازا إلى فئة، بحيث يذكر له أن فئة من المسلمين من الجانب الآخر تكاد تنهزم، فيذهب من أجل أن يتحيز إليها تقوية لها، وهذه الحال يشترط فيها ألا يخاف على الفئة التي هو فيها، فإن خاف على الفئة التي هو فيها فإنه لا يجوز أن يذهب إلى الفئة الأخرى، فيكون في هذه الحال فرض عين عليه لا يجوز له الانصراف عنه.
قوله: «أو حصر بلده عدو» ، هذا هو الموضع الثاني، إذا حصر بلده العدو فيجب عليه القتال دفاعا عن البلد، وهذا يشبه من حضر الصف في القتال؛ لأن العدو إذا حصر البلد فإنه سيمنع الخروج من هذا البلد، والدخول إليه، وما يأتي لهم من الأرزاق، وغير ذلك مما هو معروف، ففي هذه الحال يجب أن يقاتل أهل البلد دفاعا عن بلدهم قوله: «أو استنفره الإمام» هذا هو الموضع الثالث، إذا «استنفره» أي: قال: انفروا.
وقوله: «الإمام» هو ولي الأمر الأعلى في الدولة، ولا يشترط أن يكون إماما عاما للمسلمين؛ لأن الإمامة العامة انقرضت من أزمنة متطاولة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «اسمعوا وأطيعوا ولو تأمر عليكم عبد حبشي»، فإذا تأمر إنسان على جهة ما، صار بمنزلة الإمام العام، وصار قوله نافذا، وأمره مطاعا، ومن عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ والأمة الإسلامية بدأت تتفرق، فابن الزبير في الحجاز، وبنو مروان في الشام، والمختار بن عبيد وغيره في العراق، فتفرقت الأمة، وما زال أئمة الإسلام يدينون بالولاء والطاعة لمن تأمر على ناحيتهم، وإن لم تكن له الخلافة العامة؛ وبهذا نعرف ضلال ناشئة نشأت تقول: إنه لا إمام للمسلمين اليوم، فلا بيعة لأحد!! ـ نسأل الله العافية ـ ولا أدري أيريد هؤلاء أن تكون الأمور فوضى ليس للناس قائد يقودهم؟! أم يريدون أن يقال: كل إنسان أمير نفسه؟! هؤلاء إذا ماتوا من غير بيعة فإنهم يموتون ميتة جاهلية ـ والعياذ بالله ـ؛ لأن عمل المسلمين منذ أزمنة متطاولة على أن من استولى على ناحية من النواحي، وصار له الكلمة العليا فيها، فهو إمام فيها، وقد نص على ذلك العلماء مثل صاحب سبل السلام وقال: إن هذا لا يمكن الآن تحقيقه، وهذا هو الواقع الآن، فالبلاد التي في ناحية واحدة تجدهم يجعلون انتخابات ويحصل صراع على السلطة ورشاوى وبيع للذمم إلى غير ذلك، فإذا كان أهل البلد الواحد لا يستطيعون أن يولوا عليهم واحدا إلا بمثل هذه الانتخابات المزيفة فكيف بالمسلمين عموما؟!! هذا لا يمكن.
فإذا استنفره الإمام وجب عليه الخروج؛ لقول الله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل *}{إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم} [التوبة: 38، 39] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وإذا استنفرتم فانفروا»، وهذه أدلة سمعية، والدليل العقلي: هو أن الناس لو تمردوا في هذا الحال على الإمام لحصل الخلل الكبير على الإسلام، إذ أن العدو سوف يقدم إذا لم يجد من يقاومه ويدافعه.
الموضع الرابع: إذا احتيج إليه صار فرض عين عليه. مثاله: عندنا دبابات وطائرات لا يعرف قيادتها إلا هذا الرجل، فحينئذ يجب عليه أن يقاتل؛ لأن الناس محتاجون إليه، وربما نقول: إن هذه المسألة الرابعة تؤخذ من قولنا: إنه فرض كفاية؛ لأنه إذا لم يقم به أحد واحتيج إلى هذا الرجل ففرض الكفاية يكون فرض عين عليه، والحاصل أن الجهاد يجب وجوب عين في أربع مسائل:
الأولى: إذا حضر القتال، والثانية: إذا حصر بلده العدو، والثالثة: إذا استنفره الإمام. والرابعة: إذا احتيج إليه، وما عدا ذلك فهو فرض كفاية"ا.هـ
وقال رحمه الله [لقاء الباب المفتوح رقم 42 ] : " لا يكون الجهاد فرض عين إلا في أحوال معينة عينها العلماء:
 الأولى: إذا حضر الصف: لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار * ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير } [الأنفال:15-16]، وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن التولي يوم الزحف من الموبقات.
الثانية: إذا حاصر بلده العدو: فلا بد أن يدافع لفك الحصار عن بلده، وفي هذه الحال قال العلماء: إنه يكون فرض عين؛ لأن هذا كتقابل الصفين.
 الثالثة: إذا استنفره الإمام: فلو قال: يا فلان اخرج، صار فرض عين، ولا يجوز أن يقول: مر غيري، بل يجب أن يطيع.
 الرابعة: إذا دعت الحاجة إليه بعينه: مثل أن يكون عارفا بنوع من السلاح، ولا يستخدمه إلا مثله، فهنا يتعين عليه أن يباشر القتال بهذا السلاح الذي لا يعرفه إلا هو.
هذه الأحوال الأربع هي التي ذكر العلماء أن الجهاد يكون فيها فرض عين، وما عدا ذلك فإنه فرض كفاية"ا.هـ
***








·       من شروط الجهاد إذن الوالدين :
قال رحمه الله [الشرح الممتع (8/12-13)] : " قوله: «وإذا كان أبواه مسلمين لم يجاهد تطوعا إلا بإذنهما» أبوا الشخص هما أمه وأبوه، وأطلق عليهما الأبوان من باب التغليب، كما يقال: القمران للشمس والقمر، ويقال: العمران لأبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ، فإذا كان الإنسان له أبوان مسلمان، وأراد الجهاد تطوعا فإنه لا بد من إذنهما، فإن أذنا له وإلا حرم عليه الجهاد"ا.هـ
قال رحمه الله : [فتاوى نور على الدرب- مفرغ في المكتبة الشاملة] : " إذا كان الجهاد تطوعا فإنك لا تخرج إلا باستئذان الأبوين فإذا كان الجهاد واجبا فإنه لا يحتاج إلى إذن الأبوين بل لك أن تخرج وأن لم تستأذنهما وإن لم يرضيا بذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق اللهم إلا أن يكونا في ضرورة إلى بقاءك فحينئذ تقدم دفع ضرورتهما على الجهاد وعلى هذا يحمل قول النبي صلى الله وسلم ففيهما فجاهد حيث كانا يضطران إلى وجود إبنهما عندهما وأما خروج الجهاد في سبيل الله والهجرة فإن هذا أمر معلوم بدلالة الكتاب والسنة والجهد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام ومن أهم الأعمال الصالحة وأحبها إلى الله عز وجل) والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم) (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) (فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين) ولكن ليعلم أن الجهاد في سبيل الله ليس هو مجرد قتال الكفار بل إن الجهاد في سبيل الله الإنسان لتكون كلمة الله هي العليا فقط لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يقاتل حمية ويقاتل شجاعة ويقاتل ليرى مكانه أي ذلك في سبيل الله فقال عليه الصلاة والسلام (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) وهذا هو الميزان الحقيقي الصحيح الذي يعرف به كون الجهاد في سبيل الله أو ليس في سبيل الله فمن قاتل دفاعا عن الوطن لمجرد أنه وطن فليس في سبيل الله ومن جاهد عن وطنه لأنه وطن إسلامي يحتمي به عن الكفار فإنه في سبيل الله فالميزان الذي ذكره النبي عليه الصلاة والسلام ميزان بين واضح نعم من قاتل دون ماله أو دون أهله أو دون نفسه وقتل فهو شهيد كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم"ا.هـ
***
·  من شروط الجهاد : القدرة وذلك أن يغلب على الظن الانتصار والغلبة على العدو وإلا فليس بمشروع :
قال رحمه الله [الشرح الممتع (8/6-7) ] : " لا بد فيه – يعني الجهاد - من شرط، وهو أن يكون عند المسلمين قدرة وقوة يستطيعون بها القتال، فإن لم يكن لديهم قدرة فإن إقحام أنفسهم في القتال إلقاء بأنفسهم إلى التهلكة، ولهذا لم يوجب الله ـ سبحانه وتعالى ـ على المسلمين القتال وهم في مكة؛ لأنهم عاجزون ضعفاء، فلما هاجروا إلى المدينة وكونوا الدولة الإسلامية وصار لهم شوكة أمروا بالقتال، وعلى هذا فلا بد من هذا الشرط، وإلا سقط عنهم كسائر الواجبات؛ لأن جميع الواجبات يشترط فيها القدرة، لقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: 16] ، وقوله: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} [البقرة: 286] ."ا.هـ
وقال رحمه الله: [الشرح الممتع (8/15-16) ] : " إذا كان الجيش الذي أعد للقتال تربيته الجهادية ضعيفة، وغالبه مخذل ومرجف، فهل يقاتلون؟.
الجواب: لا، إذا كان الجيش على ما ذكر، والمخذل كثير والمرجف كثير، فإنه لا يجاهد؛ لأن الجهاد لا بد أن يغلب على الظن أننا ننتصر، أما إذا غلب على الظن الهزيمة فلا يجوز أن يغرر بالمسلمين، المسألة ليست هينة، وليست مسألة أشخاص يفقدون، بل هذا يعتبر ذلا حتى على الإسلام، إلا إذا اضطر الإمام لذلك، لأن الجهاد نوعان: جهاد هجوم، وجهاد دفاع، أما الدفاع فيجب بكل حال، وأما الهجوم فهو الذي ذكرنا"ا.هـ
وقال رحمه الله [الأسئلة الثلاثية] المرجع :مفرغ من موقع الشبكة الإسلامية، : " هل الدين الإسلامي دين دفاع أم تعرض؟
الجواب: ما معنى التعرض؟ .....الدين الإسلامي قال الله تعالى فيه: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ [البقرة:193] هذا هو الضابط، ولذلك يقبل الإسلام من غير المسلمين أن يبقوا على دينهم بالجزية، وهذا معناه أن الدين الإسلامي هو الأعلى وهو الظاهر. السائل: حدودهم غير محترمة؟ الشيخ: لا، لا. محترمة، بيننا وبينهم معاهدة الآن، بعضها عهود خاصة وبعضها عهود عامة، ثم إن المسلمين اليوم -مع الأسف الشديد- هل فيهم قدرة على الجهاد؟ أنا أقول: لا. ما فيهم قدرة على الجهاد. أولاً: لأن المسلمين أنفسهم مختلفون، بل ربما بعضهم يود أن يحارب بعضاً. ثانياً: ليس عندهم قوة مادية لمقابلة الكفار، فلذلك لا نقول: إن الجهاد واجب على المسلمين اليوم لأنهم لا يستطيعون، ولم يأمر الله نبيه وهو في مكة أن يقاتل المشركين لعدم القدرة، وإنما أمره أن يقاتل حينما هاجر إلى المدينة وصار له دولة أمر بالجهاد. السائل: لو كان فرضاً هو أن نهجم على الدولة؟ الشيخ: نعم، لو كان عندنا قوة هجمنا عليهم في مدائنهم وفي عواصمهم، ونسأل الله أن يأتي بذلك اليوم"ا.هـ
وقال رحمه الله في تفسير سورة البقرة عند قوله تعالى : {كتب عليكم القتال وهو كره لكم...} اللآية : " من فوائد الآية: فرضية الجهاد؛ لقوله تعالى: { كتب عليكم القتال}؛ لكن لابد من شروط؛ منها القدرة على قتال العدو بحيث يكون لدى المجاهدين قدرة بشرية، ومالية، وعتادية؛ ومنها أن يكونوا تحت راية إمام يجاهدون بأمره"ا.هـ
وقال رحمه الله [لقاء الباب المفتوح رقم 42 ] : "ثم إن كونه- الجهاد- فرض كفاية أو فرض عين لا بد لها من شروط، أهمها: القدرة، فإن لم يكن عند الإنسان قدرة فإنه لا يلقي بنفسه إلى التهلكة، قال الله تعالى: {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين}[البقرة:195]"ا.هـ
وقال رحمه الله [شرح رياض الصالحين (3/481-491)] : " القتال واجب على المسلمين أن يقاتلوا أعداء الله وأعداءهم من اليهود والنصارى والمشركين والشيوعيين وغيرهم كل من ليس بمسلم فالواجب على المسلمين أن يقاتلوه حتى تكون كلمة الله هي العليا وذلك إما بإسلام هؤلاء وإما بأن يبذلوا الجزية عن يد وهم صاغرون نحن لا نكرههم على الإسلام لا نقول لابد أن تسلموا ولكن نقول: لابد أن يكون الإسلام هو الظاهر فإما أن تسلموا وحياكم الله وإما أن تبقوا على دينكم ولكن أعطوا الجزية عن يد وأنتم صاغرون فإن أبوا لا الإسلام ولا الجزية وجب علينا قتالهم ولكن يجب قبل قتالهم أن نعد ما استطعنا من قوة لقوله تعالى: { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } والقوة نوعان قوة معنوية وقوة مادية حسية القوة المعنوية الإيمان الإيمان بالله والعمل الصالح قبل أن نبدأ بجهاد غيرنا قال الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون فالإيمان قبل الجهاد ثم بعد ذلك الإعداد بالقوة المادية ولكن مع الأسف أن المسلمين لما كان بأسهم بينهم من أزمنة متطاولة نسوا أن يعدوا هذا وهذا لا إيمان قوي ولا مادة سبقنا الكفار بالقوة المادية بالأسلحة وغيرها وتأخرنا عنهم بهذه القوة كما أننا تأخرنا عن إيماننا الذي يجب علينا تأخرا كبيرا وسار بأسنا بيننا نسأل الله السلامة والعافية.
فالقتال واجب ولكنه كغيره من الواجبات لابد من القدرة والأمة الإسلامية اليوم عاجزة لا شك عاجزة ليس عندها قوة معنوية ولا قوة مادية إذا يسقط الجواب لعدم القدرة عليه فاتقوا الله ما استطعتم"ا.هـ
,سئل رحمه الله [لقاء الباب المفتوح رقم : 23 ] : " أرجو أن تبين مدى حاجة المجتمع الإسلامي للجهاد في سبيل الله؟"ا.هـ
فأجاب بقوله : " الجواب: هذه الحاجة بينها الله عز وجل في كتابه فقال: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله [الأنفال:39] فالناس في حاجة إلى قتال الكفار الآن حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، ولكن هل يجب القتال، أو هل يجوز القتال مع عدم القدرة عليه؟ الجواب: لا يجب، بل ولا يجوز أن نقاتل ونحن غير مستعدين له، والدليل على هذا أن الله عز وجل لم يفرض على نبيه وهو في مكة أن يقاتل المشركين، وأن الله أذن لنبيه في صلح الحديبية أن يعاهد المشركين ذلك العهد الذي إذا تلاه الإنسان ظن أن فيه خذلانا للمسلمين. كثير منكم يعرف كيف كان صلح الحديبية حتى قال عمر بن الخطاب : (يا رسول الله! ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قال: فلم نعط الدنية في ديننا؟) فظن هذا خذلانا، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم لا شك أنه أفقه من عمر ، وأن الله تعالى أذن له في ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: (إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري). انظر الثقة الكاملة في هذه الحالة الضنكة الحرجة، يعلن هذا ويقول: (لست أعصيه، وهو ناصري) سيكون ناصرا لي، وإن كان ظاهر الصلح أنه خذلان للمسلمين، وهذا يدلنا على مسألة مهمة، وهي: قوة ثقة المؤمن بربه، فهذا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الحال الحرجة يقول: (وهو ناصري). وفي قصة موسى عليه السلام لما لحقه فرعون وجنوده وكان أمامهم البحر وخلفهم فرعون وجنوده، ماذا قال أصحابه؟ قالوا: إنا مدركون، قال: كلا. لا يمكن أن ندرك إن معي ربي سيهدين [الشعراء:62] سيهديني لشيء يكون فيه الإنقاذ، وحصل الإنقاذ وحصل هلاك فرعون وقومه. فالمهم: أنه يجب على المسلمين الجهاد حتى تكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين كله لله، لكن الآن ليس بأيدي المسلمين ولا يستطيعون جهاد الكفار، حتى ولا جهاد مدافعة في الواقع. جهاد المهاجمة -لا شك- أنه الآن غير ممكن حتى يأتي الله عز وجل بأمة واعية تستعد إيمانا ونفسيا ثم عسكريا، أما ونحن على هذا الوضع فلا يمكن أن نجاهد أعداءنا "ا.هـ
***



















·       من شروط الجهاد إذن ولي الأمر ووضح الراية [1] :
سئل رحمه الله [لقاء الباب المفتوح رقم 150] : "السؤال: ما حكم القول بجواز الجهاد بعدم وجود الإمام أو تخاذله أو تكاسله؟"ا.هـ
فأجاب : "الجواب: هذا غير صحيح، الجهاد ماض في هذه الأمة إلى يوم القيامة، ولكن الجهاد يجب أن يكون مدبرا من قبل ولي الأمر؛ لأنه إذا كان غير مدبر من قبل ولي الأمر صارت فيه فوضى وصار كل طائفة تفتخر على الأخرى بأنها هي التي فعلت كذا وفعلت كذا، وبالتالي ربما لا تحمد العاقبة، كما جرى في أفغانستان مثلا، فإن الناس بلا شك ساعدوا الأفغانيين مساعدة عظيمة بالغة وكانت النتيجة ما تسمعون الآن"ا.هـ
وسئل رحمه الله [لقاء الباب المفتوح رقم : 151] : " السؤال: إمام عندنا خطب يوم الجمعة وقال: لا يشترط في الجهاد إمام عام ومن قال هذا فقد جانب الصواب؟"ا.هـ
فأجاب بقوله : "الجواب: لا بد من الإمام لكن ما هو إمام عام، الإمام العام: إمام يكون على كل الأمة، وهذا شيء مضى من زمان، والأمة متفرقة حتى في عهد الصحابة كانت الأمة متفرقة، لكن الإمام الخاص الذي ينتمي إليه هذا المجاهد لا بد أن يأذن له وأن يساعده، أما الجهادات التي تكون من فئات، فهذه تبين الآن أن نتيجتها ليست على المطلوب، ولا يحتاج أن أمثل لكم؛ لأن الأمر واضح عندكم أن هذه تشبه العصابات، ولهذا حصل من الشر والفساد بعد ذلك ما هو معلوم الآن، حتى صار الذين يقاتل من أجلهم صاروا هم بين أنفسهم يقتتلون."ا.هـ
وسئل رحمه الله [لقاء الباب المفتوح رقم : 205 ] عن حكم راية الجهاد في كشمير والذهاب للجهاد هناك فبين أهمية الراية الصحية وإذن ولي الأمر " السؤال: هل راية الجهاد في كشمير صحيحة؟".هـ
أجاب رحمه الله بقوله : " الجواب: يا إخواننا! الجهاد يحتاج أولا: إلى راية من خليفة أو إمام, وهذا مفقود في الواقع. ثانيا: الجهاد يحتاج إلى أن ذهاب الإنسان ليجاهد يكون فيه نفع وغنائم, ومعلوم أن في الوقت الحاضر لا يحصل فيه ذلك, طائرات تأتي من فوق, والذين تحتها كلهم تحت قوة الطائرات, لا يوجد غنم, كان في الأول الحرب برية الناس يحاربون بالسيف والرمح ويحصل فائدة وغنم. ثالثا: أنه يشترك في هذه الحروب أناس جاءوا لينفسوا عن أنفسهم لأنهم في بلادهم مكبوتين, فيأتون لينفسوا عن أنفسهم ثم يبثون السموم في الآخرين, ويكرهون ولاتهم لهم, فيرجع هؤلاء إلى بلادهم وهم قد مقتوا البلاد رعيتها ورعاتها, ويحصل بذلك مفاسد كثيرة, والأمثلة لا أحب أن أذكرها, لكن تأملوا في عدة بلاد. ثم إذا استتب الأمن في البلاد ونجت من الغزو، وأراد أحد الدعاة أن يدعو على حسب منهجه وطريقته، هناك مشيخة في البلاد معروفة معتمدة عندهم، أي إنسان يدعو على خلاف ما هم عليه يمنعونه, بمعنى أن الدعوة الصحيحة لا تقوم هناك, وهذه مشكلة, لكن موقفنا مع إخواننا هؤلاء نسأل الله لهم النصر والتأييد, وهذا الذي نقدر عليه, وكذلك إذا أمكن أن نبذل بالمال فلنجاهد بالمال. السائل: قد سبق لك أن أفتيت بالجواز أو بالذهاب إلى بعض تلك الأماكن؟ الجواب: لكن الأمور تتغير باختلاف النتائج, فأول ما ظهرت الحرب في أفغانستان كنا نؤيد هذا, ونقول: اذهبوا، لكن النتائج صارت عكس ما نريد, الراجعون من هناك معروف حالهم إلا من سلمه الله عز وجل, والباقون هناك لا يخفاكم الآن الحروب الطاحنة فيما بينهم يتقاتلون. السائل: بلغنا أن لكم فتوى متداولة بين المجاهدين في كشمير أنكم تنصحون بالجهاد في كشمير وأنها راية صحيحة؟ الجواب: ليس بصحيح"ا.هـ
وقال رحمه الله [لقاء الباب المفتوح رقم : 210 ] : " الجهاد -يا إخواني- لابد من راية إمام, لأنه سيصبح عصابات, لابد من إمام يقود الأمة الإسلامية, ولذلك تجد الذين قاموا بالجهاد من غير راية إمام لا يستقيم لهم حال, بل ربما يبادون عن آخرهم وإذا قدر لهم انتصار صار النزاع بينهم. فعلى كل حال نسأل الله أن يعيننا على جهاد أنفسنا, نحن الآن بحاجة إلى جهاد النفس, القلوب مريضة والجوارح مقصرة والقلوب متنافرة, هذا يحتاج إلى جهاد قبل كل شيء."ا.هـ
وقال رحمه الله : [الشرح الممتع (8/23-24) ] : " قوله: «ولا يجوز الغزو إلا بإذنه إلا أن يفجأهم عدو يخافون كلبه» أي: لا يجوز غزو الجيش إلا بإذن الإمام مهما كان الأمر؛ لأن المخاطب بالغزو والجهاد هم ولاة الأمور، وليس أفراد الناس، فأفراد الناس تبع لأهل الحل والعقد، فلا يجوز لأحد أن يغزو دون إذن الإمام إلا على سبيل الدفاع، وإذا فاجأهم عدو يخافون كلبه فحينئذ لهم أن يدافعوا عن أنفسهم لتعين القتال إذا.
وإنما لم يجز ذلك؛ لأن الأمر منوط بالإمام، فالغزو بلا إذنه افتيات وتعد على حدوده، ولأنه لو جاز للناس أن يغزوا بدون إذن الإمام لأصبحت المسألة فوضى، كل من شاء ركب فرسه وغزا، ولأنه لو مكن الناس من ذلك لحصلت مفاسد عظيمة، فقد تتجهز طائفة من الناس على أنهم يريدون العدو، وهم يريدون الخروج على الإمام، أو يريدون البغي على طائفة من الناس، كما قال الله تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} [الحجرات: 9] ، فلهذه الأمور الثلاثة ولغيرها ـ أيضا ـ لا يجوز الغزو إلا بإذن الإمام.
وقوله: «إلا أن يفجأهم عدو يخافون كلبه» أي: شره وأذاه"ا.هـ
وقال رحمه الله في تفسير سورة البقرة عند قوله تعالى : {كتب عليكم القتال وهو كره لكم...} الآية [ http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_17564.shtml ] : " من فوائد الآية: فرضية الجهاد؛ لقوله تعالى: { كتب عليكم القتال }؛ لكن لابد من شروط؛ منها القدرة على قتال العدو بحيث يكون لدى المجاهدين قدرة بشرية، ومالية، وعتادية؛ ومنها أن يكونوا تحت راية إمام يجاهدون بأمره"ا.هـ

***



















·       حكم ما يسمى بالعمليات الاستشهادية :
قال رحمه الله [ اللقاء الشهري رقم 68] : " ننعى إخواننا الذين يذهبون إلى بلاد فلسطين المحتلة ويفجرون أنفسهم بين جمع اليهود، ويظنون بذلك أنهم يتقربون إلى الله، ولكن هذا لا يزيدهم إلا بعدا؛ لأنهم يقتلون أنفسهم والعياذ بالله! وقتل النفس من كبائر الذنوب، يعذب في النار بما قتل به نفسه. ولكننا لا نقول لهؤلاء: إنهم من هذا الصنف؛ لأنهم مجتهدون، يظنون أن هذا خير، والمتأول نرجو الله له العفو، لكن هذا العمل محرم شرعا وليس من الجهاد في سبيل الله، وهو أيضا خلاف المعقول فإذا قدرنا أنه قتل نفسه كم يقتل من اليهود؟ أكبر شيء اجعله يقتل خمسين أو مائة، فتأخذ اليهود بالثأر وتقتل مئات، وتزداد تعصبا لما ترى من استحلال البلاد، لكن أكثر الناس لا ينظر إلى العواقب ولا ينظر إلى الأمور العميقة"ا.هـ
وسئل  رحمه الله [لقاء الباب المفتوح رقم 80 ] : " السؤال: فضيلة الشيخ! نسمع في بعض ساحات الجهاد ممن يقوم بأعمال جهادية ويسميها البعض أعمالا انتحارية بأن يلغم نفسه بالقنابل ويلقي بنفسه بين جنود العدو لتتفجر القنابل في جسده فيموت أولهم، فهل يقاس هذا الفعل على العبد الذي يعجب الله منه وهو يقاتل بلا درع؟"ا.هـ
فأجاب : "الجواب: هذه الأعمال الانتحارية التي يذهب الإنسان إلى عدوه وقد ملئ جسمه من القنابل لتتفجر ويكون هو أول قتيل فيها محرمة، والفاعل لها قاتل لنفسه، وقتله لنفسه واضح، حمل القنابل وتفجرت به فمات، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه من قتل نفسه بشيء فإنه يعذب به في نار جهنم خالدا فيها مخلدا، لكن إذا كان هذا الإنسان فعل هذا جاهلا يظن أن هذا من تمام الجهاد فإن الله سبحانه وتعالى لا يعذبه بذنبه لأنه متأول. وأما من علم بذلك فإنه يعتبر قاتلا لنفسه، وقد يورد علينا بعض الناس في هذا القول: أن البراء بن مالك رضي الله عنه في غزوة بني حنيفة أمر أصحابه أن يحملوه ويقذفوا به داخل الباب؛ باب الحوطة، من أجل أن يفتح الباب لهم، وهذا لا شك أنه إلقاء بنفسه إلى أمر خطير فيقال: إن البراء بن مالك رضي الله عنه قد وثق من نفسه أنه سينجو وفيه احتمال ولو واحد من مائة أنه ينجو، لكن من تقلد بالقنابل التي نعلم علم اليقين أنه أول من يموت بها فهذا ليس عنده احتمال ولا واحد في المائة ولا واحد في الألف أنه ينجو، فلا يصح قياس هذا على هذا، نعم للإنسان الشجاع البطل الذي يعرف نفسه أن يخوض غمار العدو ويخرق صفوفهم لأن النجاة فيها احتمال، وعلى هذا فيكون إيراد مثل هذه القضية غير وارد، لأن هناك فرقا بين من يعلم أنه سيموت ومن عنده احتمال أنه سينجو."ا.هـ
وسئل [لقاء الباب المفتوح رقم 164 ] : "السؤال: يا شيخ بعض العمليات الانتحارية التي في فلسطين تنظمها حركة حماس ، هناك بعض العلماء أفتوا بجوازها، ما رأيكم؟
فأجاب بقوله : "الجواب: نرى أن العمليات الانتحارية التي يتيقن الإنسان أنه يموت فيها حرام، بل هي من كبائر الذنوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن من قتل نفسه بشيء فإنه يعذب به في نار جهنم، ولم يستثن شيئا بل هو عام، ولأن الجهاد في سبيل الله المقصود به حماية الإسلام والمسلمين، وهذا المنتحر يدمر نفسه ويفقد بانتحاره عضوا من أعضاء المسلمين، ثم إنه يسبب ضررا على الآخرين، لأن العدو لن يقتصر على قتل واحد، بل يقتل به أمما إذا أمكن، ولأنه يحصل من التضييق على المسلمين بسبب هذا الانتحار الجزئي الذي قد يقتل عشرة أو عشرين أو ثلاثين، يحصل ضرر عظيم، كما هو الواقع الآن بالنسبة للفلسطينيين مع اليهود. وقول من يقول: إن هذا جائز ليس مبنيا على أصل، إنما هو مبني على رأي فاسد في الواقع، لأن النتيجة السيئة أضعاف أضعاف ما يحصل بهذا، ولا حجة لهم في قصة البراء بن مالك -رضي الله عنه- في غزوة اليمامة حيث أمر أصحابه أن يلقوه من وراء الجدار ليفتح لهم الباب، فإن قصة البراء ليس فيها هلاك (100%) ولهذا نجا وفتح الباب ودخل الناس، فليس فيها حجة. بقي أن يقال: ماذا نقول في هؤلاء المعينين الذين أقدموا على هذا الفعل؟ نقول: هؤلاء متأولون، أو مقتدون بهؤلاء الذين أفتوهم بغير علم، ولا يلحقهم العقاب الذي أشرنا إليه؛ لأنهم كما قلت لك: متأولون أو مقتدون بهذه الفتوى، والإثم في الفتوى المخالفة للشريعة على من أفتى"ا.هـ

***



·       حكم الإعداد للجهاد :
قال رحمه الله [لقاء الباب المفتوح رقم 42 ] : " الإعداد للجهاد ومباشرة الجهاد فرض كفاية، فلو وجدنا مثلا أمة تستعد للجهاد في سبيل الله، وعندها ما يكفي صار في حق الآخرين سنة وليس بواجب، وإذا لم يوجد أحد أثم الجميع في عدم الإعداد وعدم الجهاد. لكن الأمر -كما ترى- في الوقت الحاضر ليس هناك صدق مع الله، لا بالنسبة للناس، ولا بالنسبة لحكام الناس. فأما الناس فتجد عامتهم وأكثرهم غافلين عن هذا إطلاقا، وليس عندهم استعداد، فهم في غفلة؛ بل لم يحصل منهم حتى جهاد أنفسهم عن محارم الله. وأما الحكام فكما ترى، هم أيضا غافلون عن هذا نهائيا، ولذلك أصبحت الأمة الإسلامية الآن أمة ممزقة متفرقة، وأصبح الكفار هم الذين لهم السيطرة على العالم، ولا يمكن أن يكون لنا سيطرة على العالم وعلى الكفار إلا بالرجوع إلى الدين الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم وتطبيقه عقيدة وقولا وعملا؛ في عبادة الله، وفي معاملة عباد الله، ولهذا لما قال أبو سفيان لهرقل ما يعلمه من صفات الرسول عليه الصلاة والسلام ومعاملته، قال له هرقل : [إن كان ما تقوله حقا فسيملك ما تحت قدمي هاتين]. فنحن الآن في حال يرثى لها في الواقع، نسأل الله تعالى أن يعيد للأمة الإسلامية مجدها"ا.هـ



[1] ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الإمام جنة، يقاتل من ورائه ويتقى به، فإن أمر بتقوى الله وعدل فإن له بذلك أجرا، وإن قال بغيره فإن عليه منه)) .
قال الحسن البصري - رحمه الله – [آداب الحسن البصري لابن الجوزي : (ص121 )، وانظر : جامع العلوم والحكم لابن رجب : (2/117) ]: "  هم – يعني الأئمة - يلون من أمورنا خمساً : الجمعة، والجماعة، والعيد، والثغور، والحدود. والله لا يستقيم الدين إلا بهم، وإن جاروا وظلموا والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون "ا.هـ
قال الإمام أحمد رحمه الله [أصول السنة ص 43 ]: " والغزو ماض مع الإمام إلى يوم القيامة البر والفاجر لا يترك"ا.هـ
وقال أبو حاتم الرازي [أخرجه اللالكائي برقم 321]: " الجهاد ماض مذ بعث الله عز و جل نبيه عليه الصلاة و السلام إلى قيام الساعة مع أولي الأمر من أئمة المسلمين لا يبطله شيء"ا.هـ
وقال ابن قدامة – رحمه الله – [المغني (10/368)] " وأمر الجهاد موكول إلى الإمام واجتهاده ، ويلزم الرعية طاعته فيما يراه"ا.هـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله [مجموع الفتاوى ( 28 / 390 ، 391) ] : " يجب أن يُعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين, بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع, لحاجة بعضهم إلى بعض, ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم )) رواه أبو داود، من حديث أبى سعيد وأبى هريرة, وروى الإمام أحمد في المسند عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا عليهم أحدهم )) فأوجب تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر تنبيهاً بذلك على سائر أنواع الاجتماع؛ ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة، وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد، والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد ونصر المظلوم وإقامة الحدود، لا تتم إلا بالقوة والإمارة, ولهذا روي أن ((السلطان ظل الله في الأرض)) ، ويقال : ستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة واحدة بلا سلطان  والتجربة تبين ذلك "ا.هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق